أثار قرار إيداع معلم سجن دار النعيم بنواكشوط، بتهمة تعذيب تلميذ قاصر، ردود فعل واسعة ومتناقضة على مواقع التواصل الاجتماعي، بين من اعتبره خطوة ضرورية لمحاسبة المعتدين على الأطفال، ومن رأى فيه إهانة لمكانة المعلم وضربًا لهيبة التعليم في البلاد.
القضية تعود إلى مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع، يُظهر معلمًا وهو يعنّف تلميذًا داخل فصل دراسي، ما دفع النيابة إلى التحرك بسرعة، وإحالة المعلم إلى السجن، فيما ينتظر أن يُستدعى مدير المدرسة الأسبوع المقبل بتهمة التستر على الحادثة.
ورغم إجماع المعلقين على رفض العنف ضد الأطفال، إلا أن تفسيراتهم للعقوبة تباينت بشدة.
فقد كتب المفتش ممو الخراشي أن ما جرى “سلوك وحشي لا يمثل المدرسين”، داعيًا إلى معاقبة مرتكبه ومنعه من مزاولة المهنة، بينما اعتبر الصحفي خطري جفجاف أن “ما فعله المعلم عنف فجّ لا يليق بمربٍّ، ويستحق أن تأخذ العدالة مجراها”.
في المقابل، عبّر آخرون عن تعاطفهم مع المعلم، واعتبروا أن حبسه “إهانة لرسل العلم”.
المدرسة بنت وهب بنت بلال كتبت تدوينة مؤثرة قالت فيها إن “المعلم يخطئ مثل الجميع، لكن مكانه ليس السجن، بل الميدان”، معتبرة أن “ظروف العمل القاسية وغياب الدعم جعلت المعلم الحلقة الأضعف في منظومة التعليم”.
أما بعض المعلقين فحذروا من أن القرار قد يشجع على “التمرد المدرسي” ويضعف الانضباط في الفصول الدراسية.
كتب محمد رمظان ولد ابلال أن “ما حدث ليس انتصارًا للحق، بل بداية لهدم القيم الاجتماعية”، فيما قال محمد ابشاره إن “من يحتفل بسجن معلم، فليستعد لأجيال بلا تربية”.
في الجهة المقابلة، رأى آخرون أن المعلم نال ما يستحق، إذ كتبت نزيهة الخرشي: “هو يستحق! ضرب الطفل حتى شارف على الهلاك”، وعلق الكنتاوي الشيخ قائلاً: “القانون فوق الجميع، وهذه خطوة مفرحة”.
رضا، خالة الطفل، أكدت في تعليقها أن الأسرة “لن تتنازل ولن تقبل الصلح”، مضيفة أنهم “متمسكون بأن يأخذ القانون مجراه حتى النهاية”.
القضية أعادت إلى الواجهة النقاش حول العلاقة بين الصرامة التربوية والعنف المدرسي، وسط دعوات لمراجعة آليات التأديب وضمان حماية التلميذ دون الانتقاص من هيبة المعلم، بين من يرى أن الإصلاح يبدأ من المحاسبة، ومن يعتقد أن إصلاح التعليم لا يتم بإذلال المربين.