الماء كلي مشترك، ويرمز لأكثر من معنى، في إغراق الخلق بالنعم (المطر السح)، وإبسالهم بالنقم (الطوفان، والجفاف).
وهو مع ذلك في الكرة الأرضية أثار الحروب الوجودية عبر عشرات القرون، وتبرز مراكز الدراسات الاستراتيجية المعاصرة: (إن الماء، وترددات الإعلام الرقمي، والمسيرات المقاتلة، وخطابات الكراهية، هي أسلحة حروب الحاضر والمستقبل).
اليوم ترون ذلك في الممرات البحرية، والأحواض المائية، والحروب المشتعلة في القارات الخمس.
بذلت هذه الحكومة بإشراف مباشر من فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني منذ انتخابه جهوداً لا تضاهى، في مجالات وقطاعات عدة، من أجل وضع الحلول الجذرية للاختلالات القائمة، والتراكمات في هذا المجال بشكل خاص.
وتمحضت منذ عام آليات التغيير المنجزة في عام العمران الأول من المأمورية الثانية لفخامته.
بعض السياسيين في موريتانيا يتحدثون عن مشكل الماء الموروث بخطاب “متشنج متعمد” متاجرين بذلك، ويتكلمون في هذه المناسبة خارج السياق.
شيء من الوقار، فأمير القوم لا يكون فحاشاً في الأقوال ولا صخاباً في الأسواق السياسية ووسائل التواصل الاجتماعي.
يجب أن نواكب العمل الميداني الذي أُنجز، فالماء هو الحياة كما قال الله سبحانه وتعالى في سورة الأنبياء: (وجعلنا من الماء كل شيء حي).
من الأسباب التي تكمن وراء انقطاعات المياه: الإنسان وتزايد عدد السكان، وأزمات تغير المناخ، والصراعات المحلية بين المزارعين والمنمين، والصراعات الإقليمية، والحروب على مصادر المياه، وغياب سياسات بناء الأحواض، والاستثمار المكلف للأنظمة السالفة في الأشخاص والقبائل، لا في مجال التنمية المستدامة.
لكن من الإنصاف أن ندرك أن تنفيذ برنامجي عصرنة العاصمة وتنمية الولايات الداخلية كشف أن سنة التشاور مع السكان كانت أكبر ظهير لسياسات العمران المنتهجة ومحاربة الفساد.
تشكل المياه نسبة كبيرة من جسم الإنسان، حيث تتراوح بين 55% إلى 78%، بحسب العمر والحالة الصحية.
تغطي المياه حوالي 71% من سطح الأرض، معظمها مياه مالحة في المحيطات، والمياه العذبة تشكل جزءاً صغيراً فقط، تتواجد في الأنهار والبحيرات والجليد والمياه الجوفية.
تعتبر المياه في موريتانيا قضية حيوية نظراً لطبيعة البلاد الصحراوية وشح الموارد المائية المخزنة، وتوجد مصادر مياه سطحية مثل نهر السنغال، ومياه جوفية، بالإضافة إلى مياه الأمطار التي تعتبر محدودة.
تواجه موريتانيا تحديات كبيرة في إدارة مواردها المائية، بما في ذلك سوء توزيع المياه، والتلوث، ونقص البنية التحتية، والتغيرات المناخية، مما يؤثر على توفر المياه الصالحة.
موريتانيا بلد 70% من أراضيه صحراوية، ويحتاج إلى رؤية تُلغي فكرة ربط التنمية بشبكة المصالح الفردية والاجتماعية في حفر الآبار وتمويل شبكة مياه الشرب.
وضع مخطط تنموي شامل للأقطاب التنموية الخمس: (قطب لحدادة، قطب النهر، قطب الواحات والمعادن والصيد، قطب الوسط، قطب الرحل) هو الحل الأمثل، ومدة تنفيذ هذا المخطط قد لا تتجاوز 36 شهراً.
مع اندماج العقول الوطنية المتخصصة والشركاء الخارجيين، غير المتاجرين بالماء وبالحياة وبالشعارات، نأخذ طريق الحل الأمثل.
عام العمران هذا جعل الزبد (في الصخب السياسي المتشنج) يذهب جفاء، وبدأت حصيلته تبرز أن ما ينفع الناس سيمكث في الأرض.
غزواني أملكم، عندما يقود الجيوش تتغير الرؤية من “الكيد السياسي وتنازع البقاء” إلى دولة المؤسسات وتمهين الجيوش. وعندما يقود قطار النماء تكون إفريقيا محط الأنظار، وتشهد منظومة السياسات الوطنية حركة متعقلة نحو الإجماع الوطني، إجماع لا تضره شبكات البيع للوطن وموارده والشراء للأوهام والأزلام.
بقلم: الأستاذ محمد الشيخ ولد سيد محمد
مؤسس قناة موريتانيا المستقلة (قمم)
انواكشوط: الخميس 12/8/2025