أثارت تصريحات الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، التي أعلن فيها حظر مشاركة موظفي الدولة في أي فعاليات قبلية أو جهوية، نقاشًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا على فيسبوك، حيث تباينت المواقف بين مؤيد يرى في القرار خطوة جريئة نحو دولة المواطنة، ومشكك في إمكانية تطبيقه على أرض الواقع.
بين التأييد والتشكيك
عدد من المعلقين رحبوا بما وصفوه بـ”الخطاب الوطني الصريح”، مؤكدين أن الرئيس لمس جوهر المشكلة التي تهدد وحدة الدولة.
كتب سيداتي بيده: “مع الرئيس حق.. شعب نال منه العطش والفقر والجهل، ومع هذا يتهافت مسؤولوه للنفاق في كل زيارة ومناسبة.”
فيما علّق سالم العيد بأن القرار “جيد ومهم إن تم تطبيقه فعلاً، لكن المشكلة أنه قد لا يجد من يستقبله في الولايات، لأن من يستقبلونه عادة هم نفس المسؤولين وأتباعهم.”
مشككون في التنفيذ
الشكوك في جدية تطبيق القرار كانت السمة الأبرز بين التعليقات، حيث كتب محمد سالم ولد متالي: “قرار جيد ولكن المشكلة في التطبيق.”
وقال سيدي محمد لحبيب: “سنرى بقية الزيارات، هل سيطبقون ذلك؟”
أما زينب بنت محمد فاعتبرت أن ما قاله الرئيس “مجرد كلام لا وجود لتنفيذه على أرض الواقع.”
وأضاف محمد محمود ولد يحيى بنبرة يائسة: “من يأمر من؟ من يتخذ القرار؟ من يطبقه في موريتانيا؟ لا أحد يعلم!”
انتقادات وسخرية
لم تخلُ الردود من نبرة ساخرة وانتقادات حادة، إذ كتب الشيخ محمد تقي الله:
“المسؤولون بجانبه يكادون ينفجرون ضحكًا من هذه التصريحات، فكل ما ينهى عنه الرئيس يُمارَس أمامه صوتًا وصورة!”
في السياق ذاته، كتب محمد فاضل ولد عمار: “هذا القرار كان ينبغي أن يكون قبل زيارة الرئيس، حتى يرى من سيستقبله.”
بينما علّق عبد الله ولد عبيد قائلًا: “عمال الدولة هم الذين استقبلوه، وليس لديهم إجازات، فعطلوا مصالح الناس!”
أصوات تطالب بالعمق بدل الشعارات
بعض المعلقين دعوا إلى معالجة الأسباب العميقة، بدل الاكتفاء بالشعارات، حيث قال المصطفى ولد ديده:
“وحري بالرئيس كذلك أن يحرم التطبيل والنفاق والتملق على المسؤولين، حتى لا يبالغوا في تمجيد هذا الخطاب.”
وكتب النبوي ولد بل: “كفاكم كلمات فضفاضة.. دعوا الرئيس يلتقي المواطنين ويستمع إليهم مباشرة في مشاكل الماء والكهرباء والتعليم.”
فيما اعتبر محمد محمود ولد المختار أن “كل كلام عن المواطنة مجرد تمني، ما دام المواطن بحاجة إلى وسيط لنيل حقوقه.”
دعوات لتوسيع النقاش
ذهب بعض المعلقين إلى توسيع النقاش ليشمل قضايا أخرى، مثل إبراهيم أمين الذي قال:
“لماذا لا تتحدثون عن النقطة الثالثة والأهم: العنصرية والشرائحية؟ ألم يتعرض لها الرئيس في خطابه؟”
أما حمودي محمد الأمين فطالب بخطوات عملية:
“عليه أيضًا نزع ملكية القبائل للأرض، فكل مواطن له الحق في أي شبر من التراب الوطني.”
بين الإحباط والرجاء
بعض الأصوات عبّرت عن تعبها من كثرة المنع والتحذير في الخطابات، مثل خديجة حمودي التي كتبت:
“سيدي الرئيس، رفقًا بنا.. في كل خطاب يحظر ويمنع.. كفاكم، فقد أقلقتم راحتنا.”
في حين كتب سيدي ولد جدو مختصرًا الموقف العام:
“هذا القرار تأخر يا سيادة الرئيس.”
ويبدو لمتتبع الأحداث أن تفاعل الموريتانيين على فيسبوك مع خطاب الرئيس أظهر وعياً عميقاً بتحديات بناء دولة المواطنة، لكنه كشف في الوقت نفسه عن هوة واسعة بين الخطاب الرسمي والواقع الميداني.
بين مؤيد يرى في القرار خطوة جريئة نحو دولة القانون، ومتشائم يعتبره مجرد تكرار لشعارات سابقة، فيما يبقى الرهان على مدى جدية التنفيذ، لا على حماسة الكلمات.





