انا ابن من سجد له جبريل وميكائيل وحملة العرش وإسرافيل وملك الموت ومالك خازن النار، والملائكة كلهم أجمعون…أنا ابن من خلقه الله سبحانه بيديه ونفخ فيه من روحه… أنا ابن من اصطفاه الله وكرم بنيه، ورزقهم من الطيبات وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا… أنا ابن نبي الله آدم عليه السلام … أنا إنسان، خلقني الله مكرما معظما مبجلا، وعهد إلي بتوحيده سبحانه وجعلنا خلفاء الأرض واستعمرنا فيها..
فهل تدرك سلطات بلادنا قيمة الإنسان وتمنحه فرص حياة كريمة وترفع يد الغبن والظلم وتزيح حواجز الإقصاء والتهميش، هل تنسجم سلطاتنا مع فطرة الله التي فطر الناس عليها وتنزل الناس منازلهم، وتأذن لأهل الخير والفضل بالولوج لمراكز القرار والنفوذ للمساهمة الفعالة في إعمار البلد وتطويره وضمان أمنه واستقراره،
أما يكفي قرن وربع قرن من المشي إلى الوراء؟
منذ مطلع القرن العشرين وبلادنا تتردى وتزداد ترديا قيميا وعمرانيا على كل الأصعدة المعنوية والمادية، اجتماعيا علميا ثقافيا اقتصاديا، امنيا، أخلاقيا…
حتى في عهد السيبة كانت بلادنا أحسن في العالمين ذكرا وسمعة، وكانت أخلاق مجتمعنا أعظم شأنا واكثر محافظة،
أما وقد جثم الاحتلال ردحا من الدهر ثم أوكل من يكمل إفساده بعده، فإن العقلية الجمعية أصابها دوار بل ارتجاج، حرك مراكز الاهتمام وغير مواضع الأشياء فتبدلت المفاهيم وانهارت القيم، وضاعت الأخلاق
وإني لأخاف على بلدي من عواقب ذلك:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وإني أناشد فخامة رئيس الجمهورية، وكل المؤثرين في رئاسة الجمهورية الإسلامية الموريتانية و معالي الوزير الأول المختار اجاي وجميع طواقم وتابعي الوزارة الأولى Premier Ministère
أناشدهم جميعا بإطلاق حملة وطنية كبرى لحماية القيم والأخلاق والعمل الفعلي والجاد لفتح آفاق الحياة الكريمة للمجتمعات النبيلة الذين هم بعد الله صمام أمان هذا البلد وهم سر شهرتها ونصرتها واتساع حضورها وإشعاعها الديني والعلمي والثقافي وهم ربان سفينتها وملاك أرضها وحماة عرضها، وقراة ضيفها ومأوى ضعيفها ومأمن خائفها وجار مستجيرها وإن رئيس بلادنا خير من يدرك ويفهم تاريخ البلاد وأحوال العباد ويعلم قيمة السلم الاجتماعي القائم على إعطاء كل ذي حق حقه ومراعاة شأن الأقوام والأفراد،
إن إقصاء نبلاء البلد علامة على خرابه، بدليل قوله تعالى: “وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا”
ورب الكعبة إن مترفي موريتانيا ليسرحون ويمرحون فسقا وضلالا وإضلالا، ليلا ونهارا وإن لهم ليدا طولى والكلمة الأولى، والحظ الأوفر والفرص الأكبر في المال والجاه والنفوذ والحضور والذكر،
فأبواب الوزراء ومكاتب الإدارات ومصالح السلطات وما في البلد من خيرات كل ذلك رهن إشارتهم، وبأيديهم مقاليده كأنما ورثوها كابرا عن كابر،
أما الأكابر أولي الأحلام والنهى، فقليل منهم من له في هذه البلاد منزلة أو اعتبار إلا من رحم ربك ممن حظوا بقرابة نافذ أو “نافذة” أو كان من ذوي التنازلات الجمة، وأهل الصمت المطبق عن الحق، إلا قليل ممن حباهم الله حظوة او من زينت بهم واجهات …
ولكن هذا الحال لا يمكن أن يستمر لأن الله تعالى جعل لهذا الكون سننا عليها يسير ومن أعظمها أن : (الدولة تقوم على الكفر ولا تقوم على الظلم)
وعليه فالبدار البدار بإحلال إصلاحات جوهرية حقيقية وإحلال عدالة اجتماعية تنسجم مع الفطرة الإلهية في خلقه تراعي قوله صلى الله عليه وسلم “أمرت أن أنزل الناس منازلهم” وهو أعظم قائد بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم