هنيئًا لأهل غزة الصامدة، غزة العزة، على طيّ صفحةٍ دامية من تاريخها الحديث، بعد عامين من حربٍ قاسيةٍ غير مسبوقة في طولها وضراوتها، وضعت القطاع الصغير في قلب مأساةٍ إنسانيةٍ هزّت ضمير العالم.
فعلى مدى عامين كاملين، واجه أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة أهوالًا لا توصف: قصفٌ متواصلٌ طال كل زاويةٍ من الحياة، من المنازل إلى المدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس، وحصارٌ خانقٌ قطع سبل العيش، ودمّر البنى التحتية الأساسية، وجعل من أبسط ضروريات الحياة حلمًا بعيد المنال.
في هذه الحرب، لم تسلم أسرةٌ من فقدٍ أو ألم، وتحوّلت أحياء بأكملها إلى ركامٍ صامت، فيما نزح مئات الآلاف من العائلات مراتٍ متكررة بحثًا عن مأوى آمنٍ لا وجود له.
ورغم الكارثة الإنسانية غير المسبوقة، ظلّ أهل غزة عنوانًا للصبر والثبات، وقدموا للعالم درسًا في الكرامة والتشبث بالحياة رغم الحصار والموت.
وجاء وقف إطلاق النار التاريخي ليعيد بصيص الأمل إلى قلوب المنهكين، وليفتح بابًا أمام مرحلة جديدة من إعادة الإعمار واستعادة ما دمّرته الحرب.
ويرى مراقبون أن هذا الاتفاق يمثل محطة مفصلية، ليس فقط في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل في الوعي الدولي تجاه معاناة الشعب الفلسطيني، بعد أن كشفت صور الدمار والضحايا مدى حجم المأساة التي عاشها القطاع المحاصر.
ومع انتهاء هذه الحرب الطويلة، يتطلع الغزيون إلى مستقبلٍ تسوده الحرية والكرامة وإعادة البناء، مستقبلٍ تُغرس فيه بذور الحياة بدل رائحة البارود، وتعود فيه غزة لتكون مدينةً للأمل، لا عنوانًا للمأساة.
إنها غزة المنتص