تشكل الموارد البشرية المؤهلة حجر الأساس لأي قطاع هندسي ناجح، وقطاع الهندسة المدنية والأشغال العمومية في موريتانيا ليس استثناء.
فالمشاريع الكبرى، من طرق وجسور ومدارس ومستشفيات، تحتاج إلى فرق متخصصة قادرة على مواجهة تحديات التخطيط والتنفيذ والصيانة، وفق معايير الجودة العالمية.
إحدى أبرز التحديات التي تواجه الهندسة المدنية في موريتانيا هي نقص المهارات الحديثة بين المهندسين والفنيين، مما يؤدي أحيانا إلى تأخر إنجاز المشاريع أو زيادة تكاليف الصيانة.
كما أن ضعف الاعتماد على أساليب مبتكرة وتقنيات متقدمة يحد من قدرة الفرق المحلية على تنفيذ مشاريع معقدة وفق أفضل المعايير الدولية.
ولتجاوز هذه التحديات، من الضروري الاستثمار في تكوين مستمر ومتخصص للمهندسين والفنيين. ويشمل ذلك:
1. دورات تدريبية حديثة في إدارة المشاريع، هندسة الطرق والجسور، شبكات المياه والكهرباء، وأساليب البناء المستدامة.
2. ورش عمل ميدانية تمكن الفرق من اكتساب خبرات عملية، وربط النظرية بالتطبيق، وضمان فهم كامل لأساليب التنفيذ الحديثة.
3. شراكات دولية للاستفادة من تجارب الدول الأخرى، سواء من خلال تبادل الخبرات أو استخدام تقنيات حديثة ترفع جودة العمل وكفاءته.
4. المشاركة في المؤتمرات الدولية، حيث تتيح هذه الفضاءات للمهندسين الاطلاع على أحدث الابتكارات، تبادل التجارب مع خبراء عالميين، وبناء شبكة علاقات مهنية تدعم نقل المعرفة إلى الداخل.
5. برامج تقييم دوري لمستوى المهارات، مع تطوير خطط فردية لتحسين أداء كل مهندس وفني حسب احتياجات المشاريع.
إن الاستثمار في الموارد البشرية لا يعني مجرد رفع القدرات التقنية، بل يخلق ثقافة هندسية متطورة تقوم على الإبداع، الابتكار، والدقة في العمل، ما ينعكس مباشرة على جودة المشاريع وانسيابية التنفيذ.
كما يعزز هذا الاستثمار الثقة بين الدولة والمواطن، ويضمن استدامة البنية التحتية الحيوية على المدى الطويل.
في النهاية، يمكن القول إن تطوير المهندسين والفنيين هو استثمار استراتيجي في مستقبل الهندسة المدنية في موريتانيا.
فكل مهندس مؤهل، وكل فريق مدرب، يمثل خطوة نحو مشاريع أكثر أمانًا، أكثر استدامة، وأكثر قدرة على خدمة التنمية الوطنية.
إن رعاية العنصر البشري اليوم تعني بنية تحتية أقوى غدًا، وقاعدة متينة لتحقيق نهضة عمرانية حقيقية في بلادنا.
المهندس محمد محمود ولد الصيام